هٰذِهِ الرِسالَةُ مُوَجَّهَةٌ إِلَى، تِلْكَ الأَرْضِ الَّتِي أَحاطَتْنِي بِحُبِّها، وَعِشْتُ أَيّامِي وَسَنِينِي فِي كَنَفِها أُناشِدُ شَعْبَها الأَصِيلَ، حَيْثُ سافَرْتُ بَعِيداً عَنْها، وَلٰكِنَّ الحَنِينَ إِلَيْها لا يَفْتَرُ.
فِي وَصْفِ حُبِّكَ تَتَعَثَّرُ الْحُرُوفُ، وَيَحْلُقُ خَيَالِي عَالِيًا لِيَرْتَقِي فِي الأُفُقِ فَرَحًا، فَتَجِدُ عِلْمَكَ وَاقِفًا بِكُلِّ فَخْرٍ لا يَكِلُّ، فَأَنْتَ مَنْبَعُ الأَمْنِ وَالسَّلاَمِ، وَمَجْدُ الخَيْرِ وَالجُودِ، تَبْسِمُ لِلغَرِيبِ وَالقَرِيبِ، فَأَنْتَ مَلْجَأٌ لِكُلِّ قَلْبٍ، فِي كَنفِكَ أَطْهَرُ بِقَاعِ الأَرْضِ، وَتَبارَكْتَ بِوِلَادَةِ أَشْرَفِ الخُلُقِ، وَفِي حَضْنِكَ انْطَلَقَتْ دِيَانَةُ الْإِسْلَامِ، فَتَقفُ كَلِمَاتِي حَائِرَةً أَمَامَ شُمُوخِكَ، وَيَقِفُ التَّارِيخُ الَّذِي أَسَّسَ عِندَكَ، فَأَنْتِ بَدَايَةُ الْحَاضِرَةِ المَكْتُوبَةِ بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ أَصِيلٍ مَرْفُوعُ الحَرَكَةِ، دَائِمًا مَشْعَلَةً لِلْعِزِّ وَالفَخْرِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
أَنْتَ بُقْعَةٌ تَجَمَّعَتْ فِيهَا فصولٌ من تاريخٍ عَظِيمٍ، وَحضارةٌ مُزْدَهِرَةٌ، وَتَطَوُّرٌ مُتَنَوِّعٌ في المَجالاتِ كلهن. انْطَلَقَتْ رحلتُكَ من بَذْرَةِ فِكْرَةٍ، وَأَصْبَحَتْ شَمساً تُنيرُ الدُّروبَ، تُشْهِدُ عَلَى صَرحِ هَذا التَطَوُّرِ الأَعينِ كلهم. لا يُمكِنُ لِكُتُبِ التَّاريخِ أَنْ تُغْفِلَ مَكانتَكَ، فَليَسْتَقْبِلِ الحاضِرُ مُستَقْبَلاً مُشْرِقاً يَزْهُو بِكَ، لأنَّكَ حَفِيدَةُ التَّراثِ، وَأَصَالَةُ الحاضِرِ، وَتَحَليقُ الطُمُوحِ فِي فَضاءِ المُسْتَقْبَلِ. دُمْتَ بِعِزٍّ أَيُّها الوَطَنُ ♡