عبدالعزيز السبيعي – عين الوطن
عندما يجتمع الموظفون في غرف الاستراحات ونستمع لحديثهم عن مدرائهم بالذات، أو بيئة العمل، أو حتى طريقة العمل، أو أي شيء يتعلق بمحيط عملهم نفاجأ بما لا يعجبنا في الأغلب، ولا نعلم ما السبب الأساسي وراء ذلك الفكر؟!
إن ما نشاهده من حالة تضامن وتعاطف بين من يعمل في مكان واحد توضح لنا أن هذه المشكلة مجتمعية ومتكررة، وهنا يكمن الخطر الحقيقي بتداول مثل تلك الظاهرات السلبية بمحيطنا الوظيفي بشكل موسع وغير منطقي، ينتقل الموظفون بمراحل متدرجة، مبتدئين بطاقات إيجابية وحماسية في بداية أيام توظيفهم، منتقلون إلى عبارة عن موظفين يشتكون كل الوقت، يصبح الواحد منهم كـ( الموتى الأحياء ) ينتظر الراتب من شهر إلى شهر بتخطيط وإتقان.
ما الذي ممكن أن يعمل به في هذا الشهر؟!
من مشتريات واحتياجات وتغطية ديون ومستلزمات أخرى.
من خلال تطلعي لمعالجة هذه الظاهرة تبين لي بعض من الأسباب التي أرى بأن لها دور كبير وفعال في وجود مثل هذه الطاقات السلبية بين الموظفون:
لعل وعسى يكون هناك حل لهذه الظاهرة المفتعلة في غالب الأوقات.
أولًا:
بعضهم يعمل في وظائف لا يفضل العمل بها وقبل بالعمل بها لأجل الراتب أو السمعة فقط!
ثانيًا:
بعضهم يرى أن وظيفته غير مهمه أو دوره الوظيفي غير مهم داخل العمل!.
ثالثًا:
ضغط الأعمال على الموظفين بدون تقدير أو تعويض فعلي أو مادي!.
رابعًا:
البيئة السامة وادارة الشخصيات السامة واستعمال القوة مع الموظف!.
خامسًا:
احتراق وظيفي واضح لدرجة أن الموظف يعود للمنزل ومازال يعمل على العمل نفسه!.
هناك دراسة اجرتها HARVARD يجب أن استعرض لكم نتائجها على 3000 موظف وموظفة في سنة 2017 وكانت النتيجة بأن 20% من الموظفين يتعرضوا إلى الاهانة، والتنمر، والتهديد، والتحرش جنسي، في الشركات التي يعملون بها.
تأخذنا تلك الدراسة إلى سؤال لا بد أن يسأل كُل مدير مسوؤل عن كل فرد في المنشأة التي يديرها:
هل أصبح العمل سبب في تدني الصحة النفسية و زيادة التعاسة ومعدلات الأنتحار؟!
ولكن هذه ليست أسباب كافيه لتبرير الوضع الحالي:
هناك دراسه اجرتها Gallup تبين أن 15% فقط من الموظفين يشعر بالانتماء إلى أعمالهم، نسبة قليلة جدًا مقارنة بمستويات التوظيف، والمشكلة الأعظم أن هنالك مدراء لايرون بأن هذه النسبة القليلة تهدد نجاحات الشركات بشكل عام!
أيضاً هناك أسباب واضحة تبين تعاسة الموظفين:
ضعف الرواتب، والتغيير المستمر، وانعدام الأمن الوظيفي، والتجريد من الإنسانية وغيرها الكثير من المسببات.
أتعجب من ما يأتي ببعض الكتب في علم الإدارة فكل المدراء يركضوا خلفها حتى يقوموا بتطبيقها فمثلاً:
المقالات للبروفيسور melton freedmen في كتبه عن الاقتصاد والإدارة، وfredrick taylor الذي وضع حجر الأساس في القرن العشرين لعلم الإدارة بكتاب مبادئ الإدارة، وعندما أتى peter darcker في كتابة المشهور the practice of management، وبيتر هو صاحب القول المشهور في الإدارة…
if you can’t measure it, you can’t improve it
وبعدها أتى النظام الشهير من تويوتا toyota production system والذي يسمى بعد ذلك بالتصنيع الرشيق ثم تطويره إلى نظام Toyota just in tome system، بعدها أتت Six Segma وهكذا.
وفي كل سنه يظهر شخص جديد بكتاب جديد وبنظرية جديدة، ومع ذلك أغلب المدراء يفشلون في لحظات أو مواقف معينة، لأن كل النظريات والكتب لجميع الأساتذة كان هدفها زيادة الإنتاج أو العمل اليدوي بأعلى كفاءة.
ولكن كيف نقوم بتزويد العمل المعرفي للموظفين؟!
أتحدث لكم عن تجربة قريبة جدًا ففي سنة 2009 قام الرئيس التنفيذي ومؤسس نيتفليكس ومديرة الموارد البشرية petty mocord على عمل عرض من 128 شريحة تتحدث عن ثقافة الشركة في نيتفلكس ووضع هذا العرض في برنامج slide share، لمشاركته مع جميع الشركات فقط بهدف المساعدة في عملية التوظيف.
الغريب بأن هذا العرض قام بتغيير أمور كثيرة في عدة شركات، كما أن هناك الكثير من المطلعين عليه بمطالعة وصلت إلى أكثر من 19 مليون شخص حول العالم!
هذا العرض يقول باختصار :
نحن نيتفلكس لا نعترف بأننا عائلة بل نحن فريق!
ورغم بأن هناك دراسات كثيرة تقول أن عدم الإهتمام بالموظفين يضر بالأداء، وبالمقام الأول نرى أن في كتاب the captin class الذي كتبه أو ساعد في كتابته sam walker، يقول أن أغلب الشركات الناجحة موظفيها يرون أنهم جزء من العائلة وليسوا مجرد فريق كما ذكرت نيتفليكس، وشعور القربة والترابط هو سبب نجاح المنشأة وموظفيها ويأتي بالمقام الأول الاهتمام بالموظفين، وتوفير لهم كامل المقومات التي تجعلهم في استمرار للعطاء أكثر.