عبدالعزيز السبيعي – عين الوطن
الكتابة ليست مجرد كلمات تُسطر، بل هي وسيلة مرئية لتوثيق لغات العالم، قادرة على حفظ الأفكار ونقلها عبر المسافات والأزمنة. بل إنها تُعدّ علامة أساسية من علامات الحضارة البشرية، وتمثّل شكلًا من أشكال التواصل الإنساني، إذ تحمل مجموعة من العلامات المرئية التي تكوِّن لغةً بمستويات متعددة، تشمل الجمل والكلمات والمقاطع الصوتية. وهي تُعد مركزًا حيًّا للفكر المنقول عبر الأجيال حتى وقتنا الحاضر.
يميل الإنسان بطبيعته إلى ترجمة أفكاره الداخلية، ويتفاوت الناس في طريقة التعبير عن تلك الأفكار، كلٌ حسب هواياته؛ فمنهم من يُترجمها بالرسم، أو الحديث، أو التصميم، أو غيرها من الوسائل الإبداعية. فالمتحدث المتمكن يشدّ الانتباه بجمالية مفرداته، والرسام يُبهر بجاذبية ألوانه، أما الكاتب فيجيد نسج الحروف وصياغة الجُمل بأسلوب يلامس القارئ. ويجمع هؤلاء جميعًا عامل مشترك: الوقت. فالوقت يمر سريعًا في حضرتهم، لأنهم يملكون قدرة استثنائية على تحويل الخيال إلى واقع لغوي أو بصري يأسر المتلقي.
وانطلاقًا من هذا المفهوم، نستعرض معكم، أعزاءنا القراء، أبرز الأساليب التي يعتمد عليها الكُتّاب للحفاظ على استمرارية الكتابة ووهج الإبداع:
لا للتقمّص:
من الوسائل التي تُعزّز استمرارية الكتابة ألا تتقمّص شخصية غيرك، لأن ذلك قد يصنع حاجزًا بينك وبين أفكارك الخاصة، فتبدو كتاباتك بطابع لا يُمثّلك. وتذكّر أن القارئ يمكنه بسهولة أن يشعر بذلك، وقد يكون استخدام خيال مغاير لخيالك الحقيقي أمرًا واضحًا جدًا.
اصنع بيئتك الخاصة أثناء الكتابة:
الكتابة تحتاج إلى بيئة محفزة، وأنت وحدك القادر على خلق تلك البيئة. “لكل كاتب بيت”، كما يُقال، وهذا البيت ليس جدرانًا فقط، بل هو حالة ذهنية ومكانية تمكّنك من استحضار الإلهام. كثير من الكُتّاب يفضلون الأماكن الهادئة ذات الأفق الواسع، وبعضهم يجد في الألوان الترابية، مثل درجات البني، خلفية مثالية تُسهم في تحفيز التركيز وصفاء الذهن.
كن خارج قوقعتك:
لا تقف في حيزٍ واحد ولا تمنع نفسك من خوض مغامرات وتجارب متنوعة. فالكاتب الذي يستمر في الكتابة هو من تُلمَس في نصوصه لمسات إبداعية مختلفة في كل مرة. لقد أخطأ وتعلّم، وجازف وقرأ، واخترع وحاول، ولم يَحصر نفسه في قوقعة روتينية.
التخطيط:
التخطيط عنصر أساسي في استمرارية الكتابة. لا فكرة دون أساس، ولا نص دون خريطة واضحة. حدّد أهدافك من النص، اعرف جمهورك، فكّر في أسلوبك، وابدأ بالمقدمة التي تشد، واختم بخاتمة تترك الأثر. التخطيط لا يقتل الإبداع، بل يوجّهه ويُعزّزه.
اقرأ:
القراءة هي الوقود الحقيقي للكاتب. كل كتاب تقرأه، كل مقال تطالعه، يزيد من رصيدك اللغوي والفكري. اقرأ بتمعّن، لا كمن يُنهي صفحات، بل كمن يتذوق المعنى، ويتأمل في الأسلوب، ويستلهم الأفكار. القراءة توسّع مداركك وتغذي خيالك، فتجعل قلمك أكثر ثراء وعمقًا.