- بقلم | د.طلق المسعودي
ماهي إلا أيام معدودات وينتهي شهر من أعظم أشهر السنةِ الهجرية، الا وهو شهر رمضان المُبارك، ينسل من بين ايدينا ونحن في غفلة عن ما يفوتنا من كنوز ، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وهو شهر القرآن فمنه نبعت انوار الرسالة وانبعث ضوء الهداية ؛ قال تعالى (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)) ، في تلك الليلة التي تُعادل ألف شهر نزل الوحي على رجل واحد في ظلمة الليل وظُلمة الغار ليسطع بعدئذٍ ويملأ ارجاء الكرة الأرضية قاطبة.
ولكننا في زمنٍ كثرت فيه الفتن، وتعددت اساليب الفسق ، حتى تعدت على حُرمةٍ هذا الشهر مُحاولةً سلب عظمته وقدسيته لتحوله من شهر عظيم كريم إلى شهر للمُنافسات على اللهو والباطل، وتحول العبد من صائم يرجو مغفرةً ربه إلى صائمٍ لئيم يجري وراء شهوته وحبه ، فبتنا نرى صائمُ لايصلي ، وصائم لايمتنع عن السب والشتم في شتى السبل التي أمده الله بها، وصائمُ اكبر همه موائد الطعام واكتمالها بشتى الصنوف وان زادت عن حاجته، وصائم ساهي يجري وراء جوائز وهمية فلا يترك مُسابقة لهوٍ الا واشترك بها ، ألهذا ومن اجل هذا تتسابقون..!
وآخرين انهالوا على الأسواق وكأنهم سيدخلون في حربِ ويخشون المجاعة، يشترون مايحتاجون ومالايحتاجون، وغالبية ما اشتروه يكون مصيره الفساد في خزانئن مطابخهم بلا ادنى فائدة، الا لو ادخروا ما اسرفوا لمستقبل اولادهم لكان اجدر ؛ او لعلهم تصدقوا به لآخرتهم لكان افضل، او منحوه مسكينًا مُتعففًا تمر عليه كُل ايام السنة كالصيام لافرق عنده بين مطلع شمس او مغربها فهو جائع في كلا الوقتين!
إن المؤمن السويّ ليخجل من تلك المشاهد التي يراها قبل رمضان وخلاله، يخجل كونها تخرج من مسلمين يعلمون حق اليقين مدى عظمة هذا الشهر وقدسيته وفضله ، ويعلمون مدى اهمية الاعمال الدينية والاجتماعية في هذا الشهر ، كتفقد المحتاجين المُتعففين اولئك الذين تُغلق عليهم الأبواب ولا نعلم مدى حاجتهم وحجم تعففهم، وتقوية اواصر المجتمع بالزيارات العائلية وصلة الرحم وعيادة المرضى وتفقد الجيران، وتنشيط حلقات الذكر بالالتقاء في المساجد لصلاة التراويح وغيرها من صلوات تختص بهذا الشهر العظيم.
انه موسم للسباق الحقيقي، سباق عظيم تدفعه دوافع دينية وايمانية عظيمة لنيل جائزة هذا الموسم، وهي العتق من النار واي جائزة هي تلك! فطوبى لمن تسابق وحازها وهيهات هيهات لمن تهاون وفرط وضيع أيامه بالنوم ولياليه بالسهر واللهو فمن كان هذا ديدنه لم يستفد من شهره شيئا بل لربما كان وبالا عليه واصبح صائم لئيم في شهر كريم .