بقلم: لانا مراد
عائِدَةٌ أَنا مُنْهَكَةُ الخُطَى، عَلَى بابِ مَنْزِلِكِ وَجَدْتُ نَفْسِي. أَخَذَتْنِي قَدَمايَ إِلَيْكِ حائِرَةً، أَبْحَثُ عَنْكِ لِتَجِدَنِي. اِسْتَيْقَظْتُ مِنْ سُباتِي فِي حَيْرَةٍ، وَأَدْرَكْتُ أَنَّ صَدِيقِي لَمْ يَكُنْ مَعِي هُنا. فَعُدْتُ الطَرِيقَ أَمْشِي وَحْدِي، لٰكِنْ ذِكْراكِ فِي مُخَيِّلَتِي يُؤْنِسُنِي. جَلَسْتُ تَحْتَ شُرْفَةِ مَنْزِلِكِ راجِيهِ لَعَلِّي أَلْمَحُ طَيْفَكِ فَيُحَدِّثُنِي!
تَجَوَّلْتُ فِي مُخَيِّلَتِي، وَوَجَدْتُ أَنَّهُ فِي كُلِّ زاوِيَةٍ لِي ذِكْرَى بِكِ تَجْمَعُنِي. فَسَأَلْتُ نَفْسِي حِينَها: يا تُرَى كَيْفَ يُمْكِنُ لِصَدِيقِي أَنْ يَغِيبَ عَنْ عَيْنَيَّ وَهُوَ مَعِي؟
عانَقَتْ ذِكْرَياتِنا، وَحَضَنْتُها، وَأَمْسَكَتْ بِيَدِكَ بِقُوَّةٍ فِي يَدِيَّ.
عُدْتُ إِلَى واقِعِي وَمَضَيْتُ قُدُماً، كَانَ الطَّريقُ خَطّاً طَوِيلاً بِلَا حَديثِكَ. فَكَم خَزَّنَ هَذا الطَّريقُ كَفاحَاتِنا، وَكَم رَوَيْنَاهُ حكاياتِ يَأْسِنَا وَانْكِساراتِنا، وَكَم ذَرَفْنَا الدُّموعَ، وَوَصَلْنَا إِلَى نِهَاياتٍ مُؤلِمَة، وَكَم ظَنَنَّا أَنَّنا لَنْ نَبْلُغَ مَنازلَ الأمل، لَكِنَّ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَجَلَّتْ لَنَا سُبُلُ النَّجَاة.
وَيا صَدِيقَةُ بِنَكْهَةِ أُخْتٍ كَمْ سِرْنا عَلَى الدَرْبِ مَعاً، كَمْ عَلَّمْتَنِي أنَّ القُربَ لَيْسَ بِالكَثْرَةِ، بَلْ بِالشُّعُورِ الأعمَق، وَأَنَّ الحُضُورَ يُضْفِي حَيَاةً جَديدةً، فَأَنْتَ جَارٌ لِقَلْبِي، وَمَعْنًى آخَرَ لِلسُّرُورِ.