العربية – الشرق الأوسط
يعيد التوتر الراهن إلى الأذهان المخاوف من التصعيد في مطلع أبريل، حين اتهمت إيران إسرائيل بشنّ ضربة جوية دمّرت مبنى قنصليتها في دمشق، ما أدى إلى مقتل ضباط في الحرس الثوري.
تتزايد المخاوف من اندلاع نزاع إقليمي واسع النطاق في الشرق الأوسط، مع توعّد إيران وحلفائها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في عملية نسبت إلى إسرائيل، واغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر في ضربة إسرائيلية قرب بيروت، مع دعوة دول غربية رعاياها لمغادرة لبنان وتعزيز واشنطن وجودها العسكري في المنطقة.
واتهمت إيران وحماس وحزب الله إسرائيل باغتيال هنية، بعد ساعات على الضربة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل شكر في ضاحية بيروت الجنوبية.
ووري هنية الثرى، الجمعة، في مقبرة في مدينة لوسيل شمال الدوحة، بعدما شارك الآلاف في الصلاة عليه في العاصمة القطرية حيث كان يقيم في المنفى.
لم تعلق إسرائيل على اغتيال هنية، لكنها تعهدت تدمير حماس بعد هجومها غير المسبوق في 7 أكتوبر على أراضيها، والذي أدى إلى رد عسكري إسرائيلي مدمر في قطاع غزة.
وتعهد القادة الإيرانيون وكذلك حزب الله وحماس الانتقام لمقتل هنية وشكر. وتوعد المرشد الإيراني علي خامنئي بإنزال “عقاب قاس” بإسرائيل، متهماً إياها باغتيال “ضيفنا العزيز في بيتنا”.
في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن بلاده على “مستوى عالٍ جداً” من الاستعداد لأي سيناريو “دفاعي وهجومي”.
وسُئل الرئيس الأميركي جو بايدن، في منزله في ولاية ديلاوير، من جانب صحافيين عما إذا كان يعتقد أن إيران ستتراجع فقال “آمل في ذلك. لا أعرف”.
“غادروا في الحال”
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، الجمعة، أنه في ضوء “احتمال التصعيد الإقليمي من جانب إيران أو شركائها ووكلائها”، أمر وزير الدفاع لويد أوستن “بإدخال تعديلات على الموقف العسكري الأميركي بهدف تحسين حماية القوات الأميركية، وزيادة الدعم للدفاع عن إسرائيل، وضمان استعداد الولايات المتحدة للرد على شتى الحالات الطارئة”.
وقال البنتاغون إن الولايات المتحدة ستنشر مزيداً من السفن الحربية التي “تحمل صواريخ باليستية دفاعية” و”سرباً إضافياً من الطائرات الحربية” لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
دبلوماسياً، حضت سفارة الولايات المتحدة، السبت، رعاياها على مغادرة لبنان عبر “حجز أي بطاقة سفر متاحة”.
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان “التوترات مرتفعة والوضع مرشح للتدهور السريع. وبينما نعمل على مدار الساعة لتعزيز وجودنا القنصلي في لبنان فإن رسالتي للمواطنين البريطانيين هناك واضحة وهي: غادروا في الحال”.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن إلى ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس” في الشرق الأوسط، وذلك خلال اتصال هاتفي السبت.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن الوزيرين يتشاركان “القلق في مواجهة تصاعد التوترات” في المنطقة، وإنهما “اتفقا على مواصلة دعوة كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس بهدف تفادي أي تصعيد إقليمي قد تكون له تداعيات مدمّرة على دول المنطقة”.
كما شددا على مواصلة بذل الجهود “المشتركة” للتوصل إلى وقف “مستدام” لإطلاق النار في قطاع غزة.
تل أبيب وحيفا
وأدت الحرب في غزة إلى فتح جبهات ضد إسرائيل من حزب الله والحوثيين الذين يشكلون، مع حماس وفصائل عراقية، ما تسميه إيران “محور المقاومة”.
والسبت، توقّعت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن يردّ حزب الله بضربات “في عمق” إسرائيل و”ألا يكتفي بأهداف عسكرية”، بعدما أكد الأمين العام للحزب حسن نصر الله أن “الردّ آت حتماً” على اغتيال شكر.
وأعلن حزب الله ليل السبت-الأحد قصف شمال إسرائيل “بعشرات صواريخ الكاتيوشا” رداً على قصف إسرائيلي أصاب “مدنيين” في جنوب لبنان.
وقال الحزب في بيان إنه قام بقصف منطقة جديدة وهي “بيت هلل” في شمال إسرائيل “بعشرات صواريخ الكاتيوشا”. وكانت وزارة الصحة اللبنانية أفادت في وقت سابق السبت عن جرح “ستة مدنيين” بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان السبت، أن هنية قتل بواسطة “مقذوف قصير المدى” أطلق على مقر إقامته.
وتوعد الحرس قائلاً إن إسرائيل ستتلقى “الرد على هذه الجريمة وهو العقاب الشديد في الزمان والمكان والكيفية المناسبة”.
من جهتها، أوردت صحيفة “كيهان” المحافظة المتشددة، السبت، أن “مناطق مثل تل أبيب وحيفا والمراكز الاستراتيجية وخاصة مقار إقامة بعض المسؤولين المتورطين في الجرائم الأخيرة هي من بين الأهداف”.
ويعيد التوتر الراهن إلى الأذهان المخاوف من التصعيد في مطلع أبريل، حين اتهمت إيران إسرائيل بشنّ ضربة جوية دمّرت مبنى قنصليتها في دمشق، ما أدى إلى مقتل ضباط في الحرس الثوري.
وردّت طهران في حينه بهجوم غير مسبوق على إسرائيل باستخدام مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ. وأكدت إسرائيل وحلفاؤها في حينه أنهم تمكنوا من إسقاط الغالبية العظمى منها.
في هذه الأثناء، تستمر دائرة العنف اليومي على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. ونعى حزب الله، السبت، عنصرين قضيا بضربات إسرائيلية في جنوب لبنان، وأعلن الحزب مسؤوليته عن إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل.
إلغاء رحلات جوية
في مؤشر على القلق المتزايد، أوقف العديد من شركات الطيران رحلاته إلى مطار بيروت، ومن بينها شركة لوفتهانزا الألمانية حتى 12 أغسطس.
ومددت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة ترانسافيا تعليق الرحلات حتى الثلاثاء، وستقطع الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها اعتباراً من الاثنين.
كما علقت لوفتهانزا رحلاتها إلى تل أبيب حتى 8 أغسطس.
من جهتها، أعلنت السويد إغلاق سفارتها في بيروت، ودعت رعاياها إلى مغادرة البلاد.
كما دعت كندا رعاياها إلى “تجنب السفر إلى إسرائيل بسبب النزاع المسلح الإقليمي المستمر والوضع الأمني الذي لا يمكن التنبؤ به”.
قتلى في غزة والضفة
في هذا الوقت يواصل الجيش الإسرائيلي هجماته في غزة بعد مرور قرابة عشرة أشهر على بدء الحرب إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
ووفق الدفاع المدني، أدت غارة إسرائيلية على مجمع مدرسي يؤوي نازحين إلى مقتل 17 شخصاً على الأقل في مدينة غزة شمال القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر والمهدد بالمجاعة بحسب تأكيدات الأمم المتحدة.
أما الجيش فقال إنه شنّ غارات جوية استهدفت عناصر “في مجمّع قيادة وسيطرة لحماس كان يستخدم في الماضي كمدرسة حمامة في مدينة غزة”.
وتسبّب القصف الإسرائيلي المدمّر والهجوم على قطاع غزة بمقتل 39550 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال.
في هذا الوقت، تظاهر الآلاف في تل أبيب، السبت، مطالبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بإبرام اتفاق لإعادة الأسرى.
وفي موازاة الحرب في غزة، يستمر التوتر في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل تسعة فلسطينيين في غارتين إسرائيليتين منفصلتين السبت، بحسب ما أفادت وكالة “وفا” الرسمية، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف “خلايا” مقاتلين.