السيدة الاولى
رمانةُ الميزان ، سرُّ الاستمرار ، اكسير الثبات و الاستقرار ، السكنُ و الرحمة و المودة ، صاحبة الخمسين مهنةٍ مختزلاتٍ في واحدة ، التي كلما خرجت من بيتها أكثر اضطربت سكينتها ، و أُرهِقَت أنوثتُها ، لكنها تعرفُ أنها ستعود له بعد التبضع من السوق أو بعد العمل ، لترتدي ثوب سحر الرعاية المطرز بالأنوثة ؛ فيتحوَّلُ الشاي لجرعةِ سلام سحري و يتحول إناءُ الأرزِّ إلى باقةِ طاقةٍ و حُب .
لست هنا بأي شكل من الأشكال أناهضُ فكرة عمل المرأة مطلقاً ، لكنني مع ترتيب أولوياتها حسب سنِّ أطفالها و قدرتها الشخصيةِ هي على ذلك ، أنا مع أن تنطلقَ لو شاءت لعملها من ثبات بيتٍ مستقرٍ لتحسين دخلِ هذه الأسرة دون أي تنازلات ٍ أو مراهناتٍ على سكينةِ رعيتها أو على مهمتها الأولى .و لا أستثني من لقب السيدة الأولى أي زوجةٍ عاملةٍ خارج المنزل أو داخله بل كلتاهما تتبرعانِ من راحتهما كي يرتاح الرعيةُ دون ( لايكات ) أو ( مشاهدات ) .
تجلس آخر النهار تحسب ما أنجزت و تكتبُ ما تودُّ أن تنجز و تحاول أن يكون الجميع بخير ، ثم تلومُ نفسها أحياناً لو تأخرَ مشروع المدرسة لأحد الأبناء ، بينما هي تصوغُ لنا أهمَّ مشروعٍ و هو الإنسانُ المستقرُّ نفسياً و صحياً .
تلك السيدة الأولى و التي أشترط في منحها اللقب هذا على أن تكونَ صاحبة صبرٍ جميلٍ ، و هنا سرُّ الأسرار و بيتُ القصيد ، بيتٍ بلا خسائر نفسية ؛
فَرَعيَّةُ منزلها ليسوا مضطرين أن يُخيروا بين سلامهم و سكينتهم و بين خدمتها و رعايتها لهُم ، مهما كان الظرف صعباً ، و مهما ثقُلت الخُطى أحياناً ! أقصى أمانيها أن يكون الجميع قد نال ما يحتاجه لذلك اليوم ، و مهما تألمت أو تعبت لا تحوّلُ هذا التعب إلى ضرائب يدفعها أهل بيتها مقابلِ كلِّ تعبها .
عزيزتي يا أيتُها السيدةُ الأولى صاحبةَ المهمة الأولى لا أستطيعُ أن أجد كلماتٍ تعطيك حقّك أبداً ، يا من إن نالت الأحمالُ من ابتسامتك لم تنل من سلام بيتكِ . شكراً و ألفُ شُكر . يا من تحبسين دمعتك و تحولين الضغوطات لمولداتٍ كهربائيةٍ تزيدكِ إنجازاً أكثر فأكثر .توقفي لوهلة و تخيلي هذا البيت دون وجودك .. تخيلي كم هوَ باردٌ و موحش ، تخيلي كم يفتقد أساسيات الحياة . سألتكِ بالله أن تعطي لنفسك رصيداً و تقديراً و اهتماماً فأنتِ زيت هذا القنديل ، و وقودُ سراجه ،
أنت لست أساس هذا البيت و حسب ..
بل أنت حجر الزاوية الذي يرتكزُ عليه الوطن بأكملِه ، بل و كلِّ الأوطان .
لربّما لا تجلسين في بيتٍ أبيض ، لكنه نظيف و مرتبٌ جدا ..
لربما لا تملكين حراسةً خاصةً لكنَّكِ أنتِ الحارسةُ الحانية لرعيتها..
أنتِ السيدة الاولى التي في كلّ ثانيةٍ تقضيها في بيتها يتحولُّ إلى جنّة .. و ثم يصبحُ الوطنُ جنّاتِ نعيم .
أنت السيدة الاولى تلكَ التي و هي في عملها تفكِّرُ ماذا تعدُّ لوجبة العشاء ، و تجدول موعد الدواء ، تحملُ ملف العمل في يمناها و ملفَّ الوطنِ بأكملهِ في يسراها ( ملفُّ العائلةِ الآمنة ) . و إن استعانت بعاملةٍ من وقت لآخر فلخدمةِ المنزل لا لتربيةِ جواهرها و متابعتهم فهي تعلمُ علمَ اليقين أن أحجارها الكريمة مهمتها هي و هي فحسب .
أنتِ السيدةُ الأولى ربةُ المنزل ، التي تعمل ٢٤ ساعةً في المنزل بلا فرصةِ غداء و لا راتب نهاية خدمةٍ و لا ترقياتٍ او علاواتٍ ثم يُطلبُ منها أن تكتبَ في خانة المهنةِ في الأوراق الرسمية المهنة : ( بلا عمل ) بدل
أن تكتبَ بلا تردُّد
المهنة : السيدة الأولى !
أ. أسحار بنت يوسف
مستشارة نفسية في الوعي
مستشارة إدارية في إدارة الجودة