بقلم د. طلق المسعودي
يعتبر النجاح هو المحرك الأساسي لتحقيق التوازن بين الطموحات والإنجازات، وما من شخص ناجح رأيته في حياتي الا وقد دفع ثمن نجاحه من وقته وصحته وحتى التزامه نحو عائلته ومجتمعه، تلك الضريبة التي يدفعها الناجح في سبيل بلوغ اهدافه ولا أحد ممن هم حوله يدرك ذلك الثمن المدفوع، فالناس في غالب الأحيان لاترى إلا النجاح والإنجاز مُتناسين كُل الصعاب التي مر بها هذا الإنسان.
مُقدمتي البسيطة هذه جاءت بعد أن شاهدت مقطعًا مصورًا للشيخ الأديب الدكتور فهد المعطاني وهو بين جماعته واهله وقد حملوه على الأكتاف إحتفاءًا به، وهو في حقيقة الأمر يستحق هذا التقدير من قبيلته خاصة ومن هذيل عامة، فهو الرجل الذي بذل جُل وقته وجهده في إبراز مآثر قبيلة هذيل، وهو المؤسس لمتحف هذيل والذي اصبح مزارًا ثقافيًا يعرفه القاصي والداني، ولست هُنا للحديث عن هذا الرجل فأفعاله تتحدث عنه، انما حديثي عن تلك الألسن التي ما إن رأت هذا المقطع حتى بدأت يالنعيق والنُباح والصراخ بأعلى ما اوتيت من قوة!
كان صُراخهم دليلاً قاطعًا على شدةٍ ألمهم، فالحسد قد بلغ بهم ايما مبلغ وتنامى حقدهم حتى أعمى بصيرتهم، قال تعالى (( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله))
إن إظهار الفرح والتقدير برفع الشخص على الأكتاف شيء مُتعارف عليه في مجتمعاتنا العربية، وغير العربية ايضًا ومنذُ القِدم ، فإننا بلا شك شاهدنا جميعًا كيف يُحمل اللاعبين او المدربين من محبينهم بعد فوز فريقهم، ومافعله جماعة الشيخ الدكتور فهد ماهو إلا مظهر من مظاهر التقدير والإحترام ولا غرابةً فيه، ولكن الغرابة في ردات الفعل الممُتعضه من هذا الأمر!
وكأن الأمر فيه إهانة لهم أو تقليل من تقديرهم، انه أمر يخص ذلك المحفل وحسب فلماذا كُل هذا الصراخ!!؟
ان اعداء النجاح يحاولون إفشال أو إسقاط الناجح الحقيقي لأن مقوماته الذاتية غالبة على التي عندهم، فبروزه في نظرهم يشكل خطرا عليهم لهذا يضعون عقبات وحواجز أمامه، ونظرا لأنهم يرون أن النجاح في يدهم وهم من يملكون زمامه، تجدهم يصنفون الناجحين على حسب هواهم كأن النجاح ملكهم الشخصي خاص بهم وبمن يريدونهم وحدهم، ويبقى تفكيرهم معطوب وقلوبهم طبع عليها الشيء الذي منعها من إبصار الحقائق؛ لهذا هم يعتقدون بأن كل مشروع ناجح وكل إنسان متميز فيما يصنعه يشكل تهديدا خاصا على أمنهم الذاتي.
التوفيق والنجاح ومحبة الناس من أهم عطايا الله للإنسان، وهي نعم وجب شُكر الله عليها، وخزائن الله ملأى وماعند الله خير وأبقى، فنجاح الآخرين لا يعني بالضرورة فشلك، وليس سببًا في فشلك، القمة تتسع للجميع، وكما يقول مثلنا الشعبي “الميدان ياحميدان” اثبت للآخرين انك كفوء للنجاح والتقدير والاحترام بعملك الجاد ليس بحسد الاخرين او محاولة القدح فيهم، فمحاولة افشالهم ماهو الا قدح فيك لا قدح فيهم ، وماهو الا منقصة لك ياصديقي وليس منقصةً فيهم لذلك كفوا عن القدح في الآخرين وحاولوا الإنشغال بأنفسكم فهي اولى بأوقاتكم.