مقال بقلم : أمل يونس
إن الباحث في سبر أغوار الكون لابد له من الوقوف حائرًا في عمق أصالة أرض عريقة كالسعودية ، هذه الدولة الضاربة في أطناب التاريخ؛ حتمًا ستعتري جسده الهزيل قشعريرة قوية بمجرد التفكير في ممارسة الاستغوار في سهولها وبين فيافيها الشاسعة، أو محاولة ترقّي جبالها والتوغل في وديانها وشعابها؛ حيث لن يلبث حتى تتراءى أمام ناظريه أنها دولة لا يسبر غورها !!!
نعم، فهي الفريدة المميزة التي لا تقارن بغيرها من دول العالم.
وبالتأمل إلى أساس هذه الدولة الميمون والنظر مليًا إلى ما آل إليه في ظل القيادة الحكيمة؛ نجد أنه ارتبط بجملة من الرموز المتسمة بالتميُّز والفرادة، والتي تجلى أريج عبيرها وبلغ الآفاق وهي :
* العلم السعودي: العَلَم الوطني السعودي هو رمز وطني للمملكة العربية السعودية، تمتد عراقته لتأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ / 1727م، كما صدرت الموافقة على تنظيمه بوصفه رمزًا وطنيًّا ضمن مرسومٍ ملكي آنذاك إلى العهد الزاهر.
* النخلة، والتي تدل على النماء والحياة والكرم، و تعد جزءًا أساسيا من الهوية والثقافة السعودية، واقترنت النخلة بدلالة مكانية لشبه الجزيرة العربية، وأضحت جزءًا رئيساً من الهوية والثقافة والتراث السعودي، بعمق جذورها الضاربة في أرض الدولة السعودية.
* الصقر: ولقد كان للصقر حضورًا قويًا منذ التأسيس في عهد الدولة السعودية الأولى قبل ثلاثة قرون؛ لذا نجده حاضرًا اليوم في شعار يوم التأسيس في هويته البصرية، كما اعتبرَ رمزاً للصلح في حل الخلافات بين شيوخ القبائل .
* الخيل العربية : جسد الخيل صلابة وقوة رجال السعودية، ووجود الخيل على شعار يوم التأسيس السعودي يرمز إلى تلك العلاقة المتأصلة بجذور عميقة منذ القدم بين الخيل والعرب، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى الوقت الحاضر.
* السوق: السوق من رموز شعار يوم التأسيس السعودي ويمثّل مصدر الرزق المعتمد خلال فترة الدولة السعودية الأولى، واشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة في نجد والحجاز وتهامة. كما عمل الكثير من مواطني الدولة السعودية الأولى في التجارة، التي تمثل مورداً أساسياً لأهل البلدة إلى جانب الزراعة والفلاحة والحرف اليدوية.
وفي المرحلة الراهنة عظمت خصوصية الذات السعودية، لا سيما بالعهد الزاهر فما تشهده من تغيرات كبيرة على مستوى الوطن والعالم أجمع تزامن مع قرار استبدال اسم القهوة من «العربية» إلى «السعودية»، وتعميم استخدام المصطلح الجديد؛ للدلالة على خصوصية انتمائها وارتباطها بالمكان (المملكة العربية السعودية) إضافة إلى ما ترنوا إليه القيادة لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ القيم والتقاليد بالمجتمع السعودي، ناهيك عن إثبات ريادتها وتاريخها في زراعة وإعداد البن، وتوريث الأحفاد ما تمثله القهوة عند الأجداد(الذوق والكيْف) مما أدى إلى تعدد مسميات فناجينها لديهم وتبلغ أربعة فناجين :
* فنجان الهيف وهو الفنجان الأول عند بداية جاهزية القهوة والذي يتناوله المضيف ليثبت للضيف أن القهوة تصلح للشرب.
* فنجان الضيف هو الفنجان الثاني يبادر بتناوله الضيف ويعتبر(صبة الترحيب به)
* فنجان الكيف وهو الفنجان الثالث الذي يسكبه المضيف للضيف لكي يتعمق بمذاق القهوة للاستمتاع بها وعادةً يشربه من هو قريب ومتعدد الزيارة.
* فنجان السيف وهو الفنجان الرابع الذي يسكبه المضيف للضيف ويشير إلى أن الضيف مع المضيف في السراء والضراء، وأنه على أهبة الاستعداد لمشاركتهم بالحروب.
تمامًا مثلما حصل مع حدث يوم التأسيس، الذي من أبرز أهدافه إعادة تشكيل الذهنية الفردية لتتوافق مع التغيرات المستقبلية، ولأن التغيير في الماضي يؤدي إلى التغيير في المستقبل، لا ريب في أن استبدال حدث بآخر حتمًا يقودنا إلى إعادة ترتيب وتنظيم الأحداث بالتاريخ،
وبالتالي سيؤثر على الأذهان ومن ثم تأكيد الشعور بالاعتزاز لهذه القيمة التي ينتمي إليها “السعودية” تحت شعار “يوم بدينا”.